ربما انخرط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نوبة ضحك، عندما شاهد تصريحات خبيرة التاروت "بسنت يوسف" مع الإعلامي الطبال "عمرو أديب"، حول تنبئها بحظه، في العام 2020، وربما كان ضحك أردوغان أكبر بكثير من سخريته على بيان الجامعة العربية التي نادى مناديها: أدركوا انقلاب حليفكم حفتر قبل أن يفترسه أردوغان!
إن التدخل العسكري التركي المتوقع في الحرب الأهلية المتصاعدة في ليبيا جاء لدعم الحكومة الشرعية بمواجهة قوات حفتر المدعومة خارجيًا، والتي ترفض المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، وكذلك لمواجهة التطور العسكري الميداني على الأرض، فبعد أن فشلت قوات حفتر في اقتحام مدينة طرابلس أكثر من مرة، رغم حصارها الطويل للمدينة منذ أبريل الماضي؛ بسبب ما أظهرته قوات الشرعية وأهالي طرابلس من بسالة بالمقاومة؛ ما أدى إلى فشل محاولات حفتر المتكررة لاقتحامها، وجعله يستعين بمقاتلين مرتزقة من روسيا.
ولعل أكبر دليل على ضعف قوات حفتر رغم الدعم الخارجي غير المحدود لها، هو ما أدلى به المتحدث باسمها أحمد المسماري لإحدى القنوات الفضائية، معللاً فشل قوات حفتر في اقتحام طرابلس بوجود مدفع تركي متحرك واحد؛ ما جعل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يتندّرون على ما صرّح به المسماري، قائلين: إذا لم يستطع حفتر وقواته مواجهة مدفع تركي واحد، فكيف لو أتت القوات التركية لدعم قوات الشرعية؟!
من جهته يقول المستشار وليد الشرابي، المحلل السياسي والمعارض المصري: "حول صراع الثروات الطبيعية داخل حوض البحر المتوسط أرى أن الأمر – بعد مناوشات عديدة – سوف يسفر في النهاية عن طرفين فقط في الصراع هما تركيا وإسرائيل وحينها سيكون السؤال الأصعب في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية لمن سوف ينحاز العرب في هذا الصراع؟".
المواجهة بالكوتشينة!
وانخرطت "بسنت" في نوبة هذيان أطربت عمرو أديب على قناة "إم بي سي" السعودية، وهي تقول: "هو (أردوغان) عنده حظ شوي السنة دي بس مش حيستمر كثير أظن أن هذه هي آخر فرص الحظ بالنسبة له؛ لأن بعد كدة الوضع حيتغير، بعد كدة الراجل ده حيتبهدل".
وتابعت قائلة: "في 2020 ستبدأ عنده الارتباكات والحيرة وواضح أنه حيتفاجأ يمكن بحلفاء من نظام هم كلهم باعوك يا ريتشارد أو كلهم خانوك يا ريتشارد، أردوغان رح يوصل للمرحلة دي، ومش بس كدة حيتحاسب، السنة دي مش حلوة على الإخوان أبدا، السنة دي عاملة زي السنين الصفرية في الـ40 سنة اللي فاتو زي 2010 و2011 و2000و2001 1990و1991 و1980و1981".
وأردفت: "السنة دي زيهم في طبيعة تكوين الكواكب بس السنين دي كانت الكواكب فيها تنافر، وكانت الكواكب كل واحد بيعمل منفردًا أما السنة دي لأ، السنة دي متكتلة ومتجمعة في مكان واحد".
يقول صاحب حساب "المغرد الشرعي" السعودي: "والله ضحكت حتى شرغت.. ذهاب أردوغان إلى ليبيا سبب لجماعة السيسي هيستيريا غير عادية، كل المحللين السياسيين التابعين للسيسي لم يؤدوا الغرض راحوا جابوا كاهنة تغطي انهزامهم النفسي وتبشر أن أردوغان سينهزم في 2020 ويتحاكم رغم أن كل الدلائل تشير أن أردوغان سيدوس البلحة ويهزمها".
مضيفًا: "أصبح السلطان العثماني أردوغان هو المحرك الوحيد لجامعة الدول العربية"، وتابع: "لسنوات مضت والسعودية والإمارات ومصر وفرنسا يطحنون ليبيا ولم تتحرك الجامعة وعندما قرر أردوغان الذهاب لإنقاذ ليبيا قامت الجامعة لتعقد جلسة للتنديد بأردوغان وقبلها في عملية نبع السلام وقبلها في عفرين".
إحباط المكائد
وبعيدًا عن هذيان ودجل محور "إسرائيل السيسي"، اعتبر فؤاد أوقطاي نائب الرئيس التركي أن اتفاق بلاده مع ليبيا أفشل مؤامرة حبس تركيا في مياهها الإقليمية، وأن أي خطة في المنطقة لن تنجح من دون تركيا مهما كان داعمها.
وفي تصريحات لوكالة الأناضول بأنقرة اليوم الأربعاء، قال أوقطاي: "أخاطب من يسألوننا ما شأنكم في ليبيا وقبرص، نحن هناك لإحباط المكائد التي تستهدفنا. أفشلنا مؤامرة حبسنا في مياهنا الإقليمية عبر الاتفاق مع ليبيا".
وأضاف أن أي خطة من دون تركيا في المنطقة لا فرصة لها للنجاح، أيًّا كان الطرف الذي يقف وراءها، وبشأن إرسال تركيا جنودًا إلى ليبيا، قال نائب الرئيس التركي: إن بلاده تأمل أن يؤدي ذلك دورا رادعا، وأن تفهم الأطراف هذه الرسالة.
وأوضح أوقطاي أن محتوى مذكرة التفويض بشأن ليبيا يتيح كل شيء، بما في ذلك المساعدات الإنسانية والدعم العسكري.
وفي موضوع آخر، قال أوقطاي إن الاقتصاد التركي حقق التوازن في العام الماضي وسيبدأ نهضة جديدة في 2020، مؤكدًا أن بلاده ستصنع طائراتها الحربية بطيار ومن دون طيار، وبمزايا تنافس مقاتلات "إف 35" الأمريكية.
وفي أواخر نوفمبر الماضي وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مذكرتي تفاهم مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، تتعلق الأولى بالتعاون الأمني والعسكري، والثانية بتحديد مناطق الصلاحية البحرية.
وعقدت "جامعة الشرّ العربية" أمس اجتماعا طارئا على مستوى السفراء، أسفر عن قرار يطالب بمنع "التدخلات الخارجية في ليبيا"، وباعتبار اتفاق الصخيرات الضمانة الوحيدة لضمان الاستقرار في ليبيا.
وردت الخارجية التركية اليوم بالقول إن الجامعة العربية بقيت صامتة في مواجهة هجمات قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعومة من قوى خارجية على طرابلس، فضلاً عن أنها لم تدعم الشرعية الدولية.
إنقاذ ليبيا
كما اعتبر المندوب الليبي لدى الجامعة العربية أن الجامعة تكيل بمكيالين، وهدد بانسحاب بلاده منها، وفيما حاولت تركيا بتلويحها في الاتفاقية الأمنية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليًا، تفعيل المسارات الدبلوماسية، ولكن ردة فعل الطرف الآخر حفتر وحلفائه كانت تسريع هجومهم على مدينة طرابلس لحسم الصراع على الأرض.
بل حتى المحاولة الدبلوماسية الأخيرة التي قامت بها تركيا بالمشاركة مع تونس، خلال زيارة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان إلى نظيره التونسي قيس سعيد، والتي نتج عنها إعلان الرئاسة التونسية استعدادها استضافة مفاوضات جديدة بين الفرقاء الليبيين، للتوصل إلى حل سياسي يوقف الحرب الأهلية الدائرة هناك، كانت ردة فعل حفتر وحلفائه هي التشكيك في المبادرة التونسية واتهام الرئيس سعيد بالانحياز، وطالبوا بأن تكون تونس على الحياد.
أليست استضافة كل الأطراف الليبية المتصارعة حياداً إيجابياً؟! أم أراد المعارضون للجهود التونسية أن تلتزم تونس بالحياد السلبي ولا تتدخل بمبادرة دبلوماسية، لتعطي حفتر وقواته الوقت الكافي لتدمير طرابلس واحتلالها، وتأسيس ديكتاتورية عسكرية على أنقاض ليبيا.