شاهد| هل تصمد وثيقة الإعلان الدستوري في السودان أمام عقبات التطبيق؟

- ‎فيعربي ودولي

سبعة أشهر من الحراك الثوري والأحداث الدموية، ومن البحث عن مخرج عسير في طريق انتفاضة الشعب السوداني بعد عزل الرئيس عمر البشير، واليوم يتوصّل طرفا الأزمة: المجلس العسكري وقوى التغيير، لاتفاق سياسي ودستوري يأمل الشارع السوداني أن يقود إلى سلطة مدنية طال انتظارها.

الاتفاق الذي يفتح الطريق أمام تشكيل هياكل السلطة الانتقالية، يراه الموقعون إنجازًا مهمًّا جرى تحقيقه بلا كاسب أو خاسر، فيما يرى منتقدوه أنه اتفاق لا يعدو كونه ثنائيًّا، حيث أعطى المجلس العسكري ما أراد من صلاحيات وحصانة قضائية، كما أعطى لمفوضيه ما أرادوا من سيطرة على هياكل السلطة المدنية، وعليه فسيكون هذا الاتفاق أمام اختبار التطبيق من الجانبين، فإما الانتقال إلى ركائز الدولة المدنية على قدم المساواة، وإما الالتفاف على تحالف قوى الثورة وتفكيكها من داخلها.

ووقّعت قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري في السودان بالأحرف الأولى على وثيقة الإعلان الدستوري، على أن يتم التوقيع عليها بشكل نهائي يوم السابع عشر من أغسطس الجاري، حسب ما أوردت وكالة رويترز نقلا عن مصادر مطلعة.

ويفتح الاتفاق الجديد الطريق أمام هياكل السلطة الانتقالية من مجلس سيادي وحكومة مدنية، يتوقع أن يتم تسميتها يوم 20 أغسطس الجاري، على أن تعقد أول اجتماع لها في 28 أغسطس، كما يتوقع بحسب مصادر مطلعة أن يلتئم أول اجتماع مشترك بين مجلس الوزراء ومجلس السيادة مطلع سبتمبر المقبل.

ورغم ما ظهر من ترحيب شعبي بإعلان الوثيقة، أظهرت مواقف قوى وحركات سياسية انتقادا لاذعًا لبعض البنود الواردة فيها، لا سيما تخصيص نسبة 67% من مقاعد المجلس التشريعي المقبل لقوى الحرية والتغيير، محذرة من تكريس منهج الإقصاء الذي شهدته جلسات التفاوض وإعادة إنتاج الأزمة السياسية في البلاد.

قناة مكملين ناقشت- عبر برنامج "قصة اليوم"- قصة الثورة السودانية وربيعها المتجدد، وهل تكون وثيقة الإعلان الدستوري الانفراجة التي تترقب عقبات التطبيق، وهل أسست قوى الحرية والتغيير لإقصاء الإسلاميين وإخراجهم من الحياة السياسية في السودان.  

الدكتور الرشيد إبراهيم، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن الاتفاق يمثل نقطة تحول في المشهد السياسي السوداني من ناحية المسائل والأدوات والأهداف والغايات، وسيكون له تأثير كبير جدا.

وأضاف إبراهيم أن القضية الآن ليست حول المجلس السيادي أو مجلس الوزراء، فالقضية أكبر من ذلك، مضيفا أن التحدي الأكبر الآن يواجه الطرفين اللذين أصبحا شريكين بعد أن كانا خصمين، وعليهما أن يحققا التراضي الوطني وقدرا كبيرا جدا من الإجماع في الوسط والمشهد السياسي السوداني.

وأوضح أن "صلاحيات المجلس السيادي وصلاحيات المجلس التنفيذي ليست قضية جوهرية ويمكن الاتفاق حولها"، لافتا إلى أن المشهد الآن نقل قوى الحرية والتغيير من المعارضة إلى الحكومة، وأصبحت مشاركة في اختيار الحكومة الممثلة في الجهاز التنفيذي، وهذا يضع عليها عبئًا سياسيًّا وأخلاقيًّا؛ لأنها سترشح رئيس الوزراء بحكم الاتفاق والوزراء، وهذا يدخلها في امتحان أمام جماهيرها والشعب السوداني.

بدوره رأى علي محجوب، القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، أن الاتفاق لا يقود إلى حكومة مدنية، لأنه يركز السلطة في يد المجلس العسكري الآن، مضيفا أن الحزب يرحب بكل اتفاق يدعو إلى ديمقراطية كاملة ويحقق مطالب الشعب السوداني، وفي مقدمتها حكومة مدنية.

وأضاف أن الاتفاق به بعض البنود التي تخلق لبسًا، خاصة ما يتعلق بمستويات الحكم المختلفة ونقل بعض الصلاحيات للمجلس السيادي، وهذا ما يتعارض مع إكساب المجلس التنفيذي الصلاحيات الكاملة التي تقود إلى تنفيذ الفترة الانتقالية القادمة، خاصة الصلاحيات التي تدعو إلى هيكلة القوات العسكرية، ووضع قوات الدعم السريع كهيئة ملاحقة للقوات المسلحة.