نيران طائشة وغارات لا تحسب لأرواح المدنيين حسابًا في حلم السيطرة على العاصمة الليبية، حصيلة الضحايا هذه المرة كانت من نصيب العشرات من المهاجرين واللاجئين في أحد مراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة، فما كان منها سوى التنديد المعتاد بهذه الغارة.
تنديد لم يقدم دعمًا ولو محدودا لمجلس الأمن الدولي حيال هذه الأزمة، ليعلن رئيسه صراحة أن المجلس غير قادر على الاتفاق في إصدار مجرد بيان حول هذا الهجوم، قد لا يحتاج الأمر إلى مثل هذا الإعلان بالنظر إلى واقع المنظمة وموقفها تجاه الجرائم الدولية المتواصلة في سوريا واليمن ومصر، كما لن تكون ليبيا أو السودان آخر ضحايا هذا الواقع طالما تجاذب أطراف المجلس في صناعة القرار بناء على مصالحهم، فيما ينظر إلى الغارات الأخيرة لقوات حفتر على أنها نتاج لهزائمه المتتالية على الأرض، لتبقى العاصمة طرابلس فرس الرهان بين الأطراف الدولية المتصارعة على التراب الليبي.
وفشل مجلس الأمن الدولي في إصدار بيان بشأن القصف الذي استهدف مركز إيواء المهاجرين في منطقة تاجوراء شرقي العاصمة الليبية طرابلس، وكشف دبلوماسيون غربيون عن تحول جديد في موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الأزمة الليبية، حيث كان الاعتراض على صياغة مشروع بيان المجلس من جانب الوفد الأمريكي خلال جلسة المشاورات المغلقة، وتحدث الدبلوماسيون عن أن مشروع البيان تضمن إدانة قوية للقصف الجوي، مع الإشارة إلى قوات حفتر في هذا الشأن، الأمر الذي أدى إلى اعتراض المندوب الأمريكي ليتبعه من بعده ممثل الدول المعروفة بدعمها للجنرال .
مشهد يبدو ملتبسًا في سياق الانقسام المعتاد بالموقف الدولي تجاه الأزمة الليبية بعد دخول واشنطن على خط الأزمة، ما يثير التساؤل عن خريطة القوى وصراع النفوذ في ليبيا، ومن ثم مستقبل الصراع على طرابلس.
قناة "مكملين" الفضائية ناقشت، عبر برنامج "قصة اليوم"، معركة طرابلس ومساعي الجنرال الانقلابي خليفة حفتر لعسكرة الحل في ليبيا، وكيف يستخدم حفتر سياسة الأرض المحروقة وسط دعم إقليمي وجرائم ضد الإنسانية.
محمد كرير، مدير المنتدى الليبي للتواصل والحوار، يرى أن الشعب الليبي هو الوحيد الذي يدفع ثمن الصراع في ليبيا .
وقال كرير: إن فشل مجلس الأمن الدولي في إصدار بيان بشأن القصف الذي استهدف مركز إيواء المهاجرين في منطقة تاجوراء يؤكد تخلي المجتمع الدولي عن مسئوليته الأخلاقية والقانونية، وعن ثوابتنا التي صدع بها رؤوسنا لعشرات السنوات.
وأضاف كرير أن المجتمع الدولي هو الذي أوجد فراغات كبيرة من الناحية الأمنية والعسكرية والسياسية والدستورية والقضائية في ليبيا، ثم تخلى عن الشعب الليبي في مطالبه المشروعة بالحصول على دولة مدنية بها تداول سلمي للسلطة.
وأوضح أن الانقسام الدولي ينعكس الآن في أكبر مؤسسات المجتمع الدولي، وهو ما ظهر بعد تصدي أمريكا لمشروع قرار إدانة حفتر، ما يؤكد أن أمريكا تمثل براحًا ومظلة لإطالة أمد الصراع في ليبيا، حتى يزداد القتل والتدمير، وتُدمر البنى التحتية في ليبيا، ومن ثم تدخل الشركات الاستعمارية العابرة للحدود والقارات.
بدوره رأى الدكتور أسامة كعبار، المحلل السياسي الليبي، أن تصدي أمريكا لقرار مجلس الأمن بإدانة خليفة حفتر صادم.
وقال كعبار: إنه رغم وجود انقسام داخل الإدارة الأمريكية، إلا أن تصريحات بومبيو والمسئولين الأمريكيين كانت تشير إلى إدانة حفتر، لكن الآن تغير الموقف الأمريكي بفعل الضغوط السعودية والإماراتية.
وأضاف كعبار أن رفض أمريكا الآن لمشروع يدين الجرائم التي يرتكبها حفتر في ليبيا هو شيء مخيف.