كشف تقرير صحفي عن أن رئيس برلمان العسكر، علي عبد العال، تلقى تعليمات مباشرة من قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، بعدم إدراج مشروعات قوانين تشريعات الأحوال الشخصية، ومفوضية منع التمييز، والإيجارات القديمة، والإدارة المحلية، وقانون المرور الجديد، في دورة الانعقاد الحالية، وتجميدها في الأدراج لأطول فترة ممكنة، لاعتبارات تتعلق بمواقف النظام إزاءها.
ونقلت صحيفة “العربي الجديد”، عن مصادر ببرلمان العسكر، أن خروج تلك التشريعات إلى النور سيؤدي إلى مواجهة السلطة، التي لا ترغب في صدامات جانبية مع المواطنين، خصوصًا مع الزيادات المرتقبة في أسعار الوقود ووسائل النقل والخدمات العامة خلال الأشهر القليلة المقبلة، هذا فضلا عن حالة الجدال التي ستصاحب إصدارها، فضلا عن أنها تتزامن مع انهيار شعبية السيسي.
وأشارت المصادر إلى أن هناك ما لا يقل عن 30 مشروع قانون جاهزا للعرض أمام اللجان المختصة، غير أن عبد العال يعطل بدء مناقشاتها وفقا لصلاحياته بموجب اللائحة المنظمة، لافتةً إلى أن هيئة مكتب البرلمان، برئاسة الأخير، هي المتحكمة في جدول أعمال الجلسات العامة، ولا تستطيع أي لجنة أن تناقش أحد التشريعات المقدمة إليها دون إحالتها من هيئة المكتب، والتي تقتصر على ثلاثة أعضاء فقط، هم رئيس البرلمان بالإضافة إلى وكيليه.
وأكدت المصادر رفض نظام الانقلاب فتح ملف قانون الأحوال الشخصية، بوصفه قانونا شائكا ترفض الحكومة مناقشته حاليًا، على الرغم من تقدم العديد من النواب بمشاريع قوانين حول تعديل مواده، بشكل يكفل إعادة تنظيم كافة النواحي الإجرائية والموضوعية المرتبطة بمراحل الزواج، بداية من الخطبة وشروطها، مرورا بالزواج والطلاق والخلع، وصولا إلى حق رؤية الأطفال والنفقة وإجراءات صرفها.
الإيجارات القديمة
وقالت المصادر، إن علي عبد العال استطاع إجهاض كافة محاولات لجنة الإسكان في البرلمان، الرامية لمناقشة اقتراحات بعض النواب بشأن تعديل قانون الإيجارات القديمة، كونه أحد أكثر التشريعات إثارة للرأي العام، لأنه يمسّ أوضاع نحو ثمانية ملايين و900 ألف مستأجر يخضعون لأحكام القانون الذي خلف أوضاعًا مستقرة منذ 60 سنة، ويحتاج تعديله إلى مراعاة البعد الاجتماعي للمواطنين، والتغيرات الاقتصادية التي طرأت على المجتمع.
وتقدم النائبان معتز محمود، وإسماعيل نصر الدين، بتعديل على القانون، مدعوما بتواقيع 115 نائبا، ينص على تحرير عقود الوحدات السكنية خلال 10 سنوات، مع إقرار زيادة سنوية متصاعدة للقيمة الإيجارية تصل إلى المِثل بعد انقضاء المدة، وهو ما أعقبه تقدم عضو اللجنة التشريعية في البرلمان، عبد المنعم العليمي، باقتراح تشريعي لتحرير العلاقة الإيجارية بعد خمس سنوات من وفاة المستأجر.
وينص قانون الإيجارات القديمة، المعمول به حاليا، على أحقية ذوي المستأجر (الجيل الأول) في البقاء بالوحدة السكنية حتى وفاتهم، وهو ما يرفضه بشدة ملّاك العقارات.
ولم تراع التعديلات المقترحة من النواب “حق السكن” المنصوص عليه دستوريا؛ نظرًا لأن الدولة لم توفّر بدائل لقاطني الوحدات السكنية المستأجرة بعد إجبارهم على إخلائها، علاوة على مخالفتها حكم المحكمة الدستورية المصرية الصادر في العام 2002، بعدم أحقية الملاك في تغيير القيمة الإيجارية أكثر من مرة حفاظًا على السِلم الاجتماعي.
الإدارة المحلية
كما كشفت المصادر عن أنه لن يكون هناك إجراء للانتخابات المحلية خلال الولاية الثانية للسيسي، في ضوء حالة التسويف التي ينتهجها البرلمان، تجاه مناقشة قانون الإدارة المحلية، الذي يقبع حبيس أدراج رئيس البرلمان منذ ثلاث سنوات، مع وعود زائفة ومتكررة بالتصويت على إقراره، وإجراء انتخابات المجالس البلدية “في أقرب وقت”.
وأضافت أن هناك صعوبة في إحكام قبضة النظام على الانتخابات المحلية، أو ولاء جميع المرشحين، الذين يُقدرون بعشرات الآلاف، على الرغم من الوعود المستمرة من السيسي، وحكومته، بشأن إجراء الانتخابات المحلية، في ضوء حجم الفساد المستشري داخل الأجهزة البلدية في كافة المحافظات.
وترى أجهزة الدولة الأمنية أنه لا داعيَ لإجراء الانتخابات المحلية خلال الدورة الرئاسية الحالية (2018-2022)، لعدم ضمان حصول الأحزاب والكيانات المحسوبة على الدولة على أغلبية مريحة من مقاعدها، وفقاً للمصادر، التي أشارت إلى رفع تلك الأجهزة تقارير إلى مؤسسة الرئاسة تتضمن مخاوفها من تسلل عناصر منتمية إلى جبهات المعارضة إلى نظام الحكم عبر المجالس الشعبية.
قانون المرور
فيما يُعد قانون المرور الجديد من التشريعات المعطلة كذلك، بعد انتهاء لجنة الدفاع والأمن القومي من مناقشة مواده البالغ عددها 96 قبل نحو عام، لعدم توافر البنية التحتية اللازمة لتطبيق مواده، على اعتبار أنه يستبدل الغرامات التقليدية لمخالفات السير بتوزيع 50 نقطة لكل رخصة سيارة، واقتطاع المخالفات من رصيد النقاط.
وقال رئيس لجنة النقل والمواصلات السابق في البرلمان، النائب سعيد طعيمة، إن الحكومة قدمت مشروع القانون إلى البرلمان، على الرغم من عدم جاهزية أنظمة الرقابة على الطرق لتطبيق نصوصه، لافتاً إلى أن القانون الجديد لن يحدث فارقا على الأرض طالما أن البنية التحتية لمنظومة المرور متهالكة، بل سيزيد من حجم الرشاوى الممنوحة لأفراد المرور لتجنّب تسديد المخالفات.
وأضاف طعيمة، في تصريح خاص، أن غالبية كاميرات المراقبة في الإشارات لا تعمل بمحافظتي القاهرة والجيزة، بينما لا توجد من الأساس في بقية المحافظات، وبالتالي ستكون هناك صعوبة في تسجيل المخالفات وفقا للنظام الجديد، والذي يقتطع نقطة واحدة للمخالفات البسيطة، وخمس نقاط للجسيمة منها، مع إعلام أصحاب السيارات بمخالفتهم وقت وقوعها، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق قبل تطوير منظومة المرور في جميع المحافظات.
وأعطى مشروع القانون المحافظين صلاحية لفرض رسوم فورية لا تتجاوز 100 جنيه تخصص لصندوق تطوير المرور بكل محافظة، في حين قسّم المخالفات إلى 5 شرائح، وكل شريحة يترتب عليها اقتطاع نقاط، وإيقاف صلاحية الرخصة لمدة محددة، مع إلزام المواطنين بتلقي قواعد تدريبية في مراكز معتمدة، لاستعادة صلاحية الرخصة، مع إنشاء مجلس قومي للمرور، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، لوضع استراتيجية للمرور في مصر.