“التعديل والبقاء للأبد”.. فتش عن المستفيد في جريمة الدير

- ‎فيتقارير

يبدو أن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي أصبح مضغوطا خلال الفترة الحالية بالبحث عن مخرج سريع لتعديل الدستور ومد فترة الرئاسة، التي تلاحق سنواتها الأخيرة سمعة السيسي، بعد ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وزيادة نبضات الغضب في قلوب المصريين، بعد انهيار حالتهم المعيشية، وعجزهم التام عن تلبية احتياجاتهم من المأكل والمسكن؛ الأمر الذي يرشح أن يعالجه السيسي من خلال قصة “البحث عن فضيحة” يحاول من خلالها إيجاد فرصة لتعديل مواد الدستور ومد فترة الرئاسة.

هذا ما كشفه مسئول سابق في وزارة الخارجية، خلال تصريحات خاصة لـ”لحرية والعدالة”، مؤكدا أن الحراك الحادث داخل برلمان العسكر للبحث عن آلية لإقناع الجماهير الغاضبة بضرورة تعديل الدستور، لم تجد أفضل من البحث عن عملية إرهابية تبدأ تعيد الحراك مجددًا، لإضفاء شرعية جديدة على استمرار السيسي في الحكم.

وقال المصدر: إن نظام السيسي حائر الآن بشكل كبير نتيجة البحث عن آلية لتعديل صيغة تواجده واستمراره في الحكم، خاصة أنه يقضي الآن عامه الأول من الفترة الثانية، ويحتاج لمسوغ سريع يشرعن استمراره لفترة أخرى، في الوقت الذي تشير التقارير الامنية لحالة من الغضب بالشارع المصري نتيجة ارتفاع الأسعار، وهو ما يهدد مستقبل أي تعديل دستوري حال اعتمد على إنجازات السيسي الوهمية.

ونفى أن يكون السيسي ضالعًا في تنفيذ العملية من خلال رجاله المنتشرين في المخابرات، ولكنه لم ينف إمكانية السماح بمثل هذه العمليات التي يغض الطرف عنها في الوقت المناسب، من خلال سحب القوات المسئولة عن تمشيط الاماكن التي يوجد فيها بعض المجموعات الإرهابية، للمشاركة في تأمين فعاليات منتدى شرم الشيخ الذي يتواجد فيه السيسي.

 

ضربة استباقية

وأكد المصدر أننا كلنا نعرف أن النظام الأمني يعتمد في انتشاره على بعض المعطيات التي تسمح بتأمين هنا وتسيب هناك، الأمر الذي تستغله الجماعات الإرهابية المنتشرة في ربوع مصر، وتقوم بضربة استباقية مثل التي حدثت بالأمس ضد أتوبيسات الأقباط المتوجهة لدير الأنبا صموئيل بالمنيا، بعد أن وجدت الفرصة سانحة لتنفيذ عمليتها، والهروب في صحراء المنيا.

وقُتل سبعة أقباط، أمس الجمعة، في إطلاق نار على حافلة جنوب القاهرة، تبنى مسئوليته تنظيم “الدولة الإسلامية”، في أول اعتداء يستهدف الأقباط منذ نهاية ديسمبر 2017.

وقالت النيابة العامة في بيان إنها “تلقت إخطارا بوقوع حادث إطلاق نار استهدف حافلة تقل مجموعة من الأقباط أثناء عودتهم من دير الأنبا صموئيل”، في محافظة المنيا الواقعة على بعد 250 كيلومترا جنوب القاهرة.

وأسفرت حصيلة الاعتداء عن “عشرة قتلى و14 جريحا”، بعد أن كان أسقف المنيا الأنبا مكاريوس قد أشار إلى سقوط سبعة قتلى و14 مصابا.

تنظيم داعش

وقال “تنظيم الدولة” في بيان نشرته وكالة “أعماق” الناطقة باسمه على حسابها على تطبيق “تلجرام” للرسائل المشفّرة إنّ “منفّذي الكمين الذي استهدف زوارًا نصارى على طريق دير الأنبا صموئيل في المنيا هم من مقاتلي الدولة الإسلامية”.

وعلى الفور خرج عبد الفتاح السيسي كعادته لينعي ضحايا الهجوم في تغريدة على موقع “تويتر” قائلا “أنعى ببالغ الحزن الشهداء الذين سقطوا بأيادٍ غادرة تسعى للنيل من نسيج الوطن المتماسك… وأتمنى الشفاء العاجل للمصابين وأؤكد عزمنا على مواصلة جهودنا لمكافحة الإرهاب الأسود وملاحقة الجناة”.

في الوقت الذي جددت فيه تصريحات عدد من أعضاء برلمان العسكر بشأن ضرورة تعديل الدستور، الجدل من جديد حول جدوى هذه المقترحات وأهدافها.

موادّ ملغومة

وأعاد أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام في برلمان العسكر، فتح الجدل بتصريحاته الأخيرة، التي قال فيها إن “هناك موادّ ملغومة في الدستور”، داعيًا لتعديله، وانضم له عدد من النواب الآخرين.

وفتح الموضوع أكثر من مرة، كان أبرزها قبيل الانتخابات الهزلية الأخيرة، حيث جرى الحديث عن مقترحات لزيادة مدة ولاية السيسي، لكن لم يتمّ تحريكها بشكل فعلي.

ويقول عدد من نواب العسكر على صفحاتهم  “لا بد من الانطلاق من أن دساتير الدول ليست كتبًا سماوية، فهي صناعة بشرية، قد يشوبها النقصان، ونكتشف بعد فترة من التطبيق أنها غير ملائمة”، مشيرين إلى أن “كل دساتير العالم وضعت مواد تبين كيفية إدخال تعديلات عليها، فالتعديل أمر دستوري بامتياز”.

ووفقًا للمادة 226 فإنه “لرئيس الجمهورية أو لخمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور.. ويناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال 30 يومًا من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًّا، أو جزئيًّا بأغلبية أعضائه، وإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي، وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد 60 يومًا من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال 30 يومًا”.

المرحلة الانتقالية

ويسوق أنصار التعديل الدستوري عددًا من المواد التي قالوا إن “تطبيقها صعب” كمبررات للتعديل، أبرزها المواد الخاصة بالمرحلة الانتقالية، وتلك التي تتعلق بموازنة التعليم أو حقوق النوبة.

ومن بين المواد التي يتذرعون بها أنها تحتاج إلى تعديل المادة الخاصة بالمناطق النائية وبالنوبة “التي تنص على عودة أهل النوبة خلال 10 سنوات إلى موطنهم الأصلي، الذي أغرقته مياه النيل في الستينيات، وهو أمر مستحيل، وإذا لم يتم تعديل مثل هذه المادة ستصبح مصر أمام كارثة دولية”.

وتنص الفقرة الأخيرة من المادة 226 على أنه “في جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية والمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات”.