حالة جديدة وغير مسبوقة من الحصار تفرضها سلطات الانقلاب على سيناء، تحت ذريعة استمرار عملياتها العسكرية بهدف القضاء على من تسميهم “العناصر الإرهابية”.
وكشف عدد من أهالي سيناء عن أن هناك معاناة يومية ليس لها نهاية، من نقص حاد في المواد الأساسية خاصة الخبز، والخضار، ووقود السيارات، وغاز الطهي.
وقال الأهالي- في تغريدات مقتضبة على مواقع التواصل الاجتماعي- إن السكان في مدينة العريش يضطرون للاصطفاف يوميًا في طوابير طويلة أمام عربات يسيّرها الجيش؛ بهدف الحصول على بضعة أرغفة من الخبز، أو جزء يسير من المواد الغذائية.
وأضافوا أن هناك نقصًا حادًا في جميع الأفران التي تنتج الخبز في المدينة، والمناطق المجاورة توقفت تمامًا عن العمل بفعل شح الوقود والدقيق، كما أغلقت المحال التجارية أبوابها، وأضحت الأسواق خالية بفعل الحصار الذي عطل كل مناحي الحياة.
وتابعوا أننا محاصرون لا نستطيع الدخول أو الخروج من المدينة، وفي ربوع شمال سيناء، حتى إن ذوي الحالات الإنسانية الملحة من المرضى والطلاب لا يسمح لهم بالمغادرة صوب مدن القناة أو القاهرة، فضلا عن حملات المداهمة للبيوت والاعتقالات التي تمارس يوميا، الأمر الذي فاقم المعاناة وعزل تلك المنطقة في أقصى شمال شرق البلاد عن العالم، وقلب حياة السكان إلى جحيم.
وأكدوا استمرار هدم المنازل، حيث جرى هدم آلاف الدونمات الزراعية والمصانع الملحقة بها، والتي كانت تسد حاجات المحافظة من المنتجات الزراعية، فضلا عن مئات من منازل المواطنين.
وأوضح الأهالي أن قوات الجيش تمنع دخول الغذاء عبر التجار، وتحتكر إدخال بعض المواد عبر جهاز الخدمة التابع لها، وتبيع للأهالي الغذاء خاصة الخبز والخضار بأضعاف سعره الحقيقي، فهم يفرضون سياسة التجويع، ويحتكرون إدخاله في نفس الوقت بهدف تحقيق الربح المادي”.
حملة عسكرية
يواصل نظام الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي، للعام الخامس، عزل شمال سيناء منذ بدء الحملة العسكرية في النصف الثاني من عام 2013، وفرض حظر التجول فيها، بدعوى محاربة الجماعات المسلحة المتواجدة في بعض جيوب مدينتي رفح والشيخ زويد بالقرب من حدود قطاع غزة.
وأكد شهود عيان أن الحملة العسكرية صاحبتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وخروقات لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، وتعديات مخالفة للدستور على حريات وأملاك وأراضي أهالي سيناء، ومنع وجود أي وسيلة صحفية أو إعلامية أو حقوقية لنقل وكشف الوقائع والأحداث، وتمرير الروايات الرسمية للجيش والشرطة فقط.
حصار
وعلَّق الإعلامي السيناوي حسام الشوربجي، في تصريحات صحفية، قائلا: إن “ما يحدث في شمال سيناء منذ خمس سنوات من عزل وحصار، هو بهدف الضغط على المواطنين للنزوح من هناك، حفاظا على الأمن وإفراغ المنطقة من سكانها، ولكن بالرغم من كل تلك الضغوط الأمنية والممارسات القمعية، سواء في رفح أو الشيخ زويد أو العريش، إلا أن الناس لديهم أمل شديد في مواصلة البقاء في أرضهم”.
وأضاف أن “نظام السيسي كان قادرا على إنهاء وجود الجماعات المسلحة في شمال سيناء منذ أكثر من سنتين، خاصة بعد تراجع نشاطها بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، إلا أن النظام يريد أن تظل فزاعة محاربة الإرهاب في يده لسببين: أولهما يتعلق بعملية التقسيم الخاصة بما يسمى بصفقة القرن، وثانيهما رسالة للعالم الخارجي بأن بقاءه ضرورة لمحاربة الإرهاب، وأنه بحاجة إلى دعمهم لحماية الحدود وعملية التقسيم الجديدة”.
وأكد أن الأوضاع الاجتماعية لأهل سيناء لا تنبض بالحياة، فتحركاتهم مرتبطة بالتنسيق الأمني، وعمل المدارس والمستشفيات يكاد يكون غير منتظم، إضافة إلى نقص الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء.