نبش السيسي في الماضي.. استدعاء للفتنة ومزيد من إفقار المصريين

- ‎فيتقارير

أثارت كلمة قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، أمس الأحد، ردود أفعال واسعة حول مسئوليته التي اعترف بها خلال وجوده على رأس المخابرات الحربية، ومباشرته للحراك الثوري في الشارع المصري، من ميدان التحرير الذي كان يعيش فيه متخفيا بين المتظاهرين، بدءا من الأيام الأولى للثورة ومرورا بأحداثها الجسام مثل موقعة الجمل، وتنحي مبارك والإعلان عن نجاح الثورة المصرية، ثم التخطيط للانقلاب عليها اعتبار من أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء ومجزرة بورسعيد.

وكشف السيسي، أمس الأحد، خلال الندوة التثقيفية الثلاثين للقوات المسلحة فى “يوم الشهيد”، مسئوليته الكاملة عن أحداث محمد محمود التي سقط فيها عشرات المصريين.

وقال السيسي إنه في شهر نوفمبر 2011 خلال أحداث محمد محمود كانت القيادة في الدولة حريصة على ألا يسقط مصري واحد، وكانت القيم والمبادئ التي تحكم تصرفات المجلس العسكري هي الحرص على كل المصريين.

وتابع السيسي مزاعمه أنه “خلال هذه الأحداث لم يمس مصريا واحدا وعندما دخلت عناصر أمام وزارة الداخلية سقط العشرات من القتلى واتعملت منصة حتى تهدم باقي أجهزة الدولة وكان المطلب وقتها إقالة المجلس العسكري وكي يحدث ذلك كان لابد من القيام بحدث يهز الرأى العام”.

وتابع: “طلبنا في ذلك الوقت من رئيس الهيئة الهندسية وضع كتل خرسانية كفاصل بين شارع محمد محمود وميدان التحرير والصورة التي تصدرت وقتها هي توجيه الاتهامات للمجلس العسكري مثلما تصدرت نفس الصورة في أحداث ماسبيرو وغيرها من الأحداث”.

ولم يفسر السيسي استدعاءه لحادثة محمد محمود التي وصمت الجيش بعار قتل المتظاهرين المصريين الذين طالبوا بإقالة المجلس العسكري والتبكير بالانتخابات الرئاسية، بعد الكشف عن نية المجلس العسكري البقاء على رأس السلطة بشكل أبدي، في حين فسر متابعون استدعاء السيسي لهذه الحادثة بأنه تأكيد على تورط الجيش في قتل المتظاهرين.

وزعم السيسي أنه شريف وصادق؛ الأمر الذي أثار غضب رواد ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تصريحاته في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد والتي تخلّلها الكثير من القسم والأيمان، فجاء وسما “#السيسي_كذاب” و”#مش_مصدقينك” عقب سؤاله “إنتم مصدقني ولا لأ؟”.

وكتبت سمر إسماعيل: “‏بيقسم ان فيه أزمة سنة 2060 وهايكون مات وعايز يلم من دلوقت علشان يحلها.. طيب يا طبيب الفلاسفة المشاريع العملاقة والإصلاحات الفزيعة والفلوس اللي بتعصرنا علشان تلمها مش هاتجيب نتيجة لمدة 40 سنة كمان. #مش_مصدقينك #اطمن_انت_مش_لوحدك #السيسي_كذاب”.

ومع صورة قناص العيون، كتب خميس البمبي: “‏‎#السيسي ينفي صلة الشرطة والجيش بأحداث محمد محمود وهذا أشهر ضابط في تلك الأحداث وملقب بقناص العيون. #السيسي_كذاب”.

ماذا يخطط السيسي؟

ومن خلال تصريحات السيسي التي أثارت الجدل، كشفت هذه التصريحات عن نوايا جديدة للسيسي، الذي كان يتهم الخارج بالتخطيط لتدمير البلاد ونشر الفوضى في مصر، ثم انقلب على معتقداته التي يسوقها على مدار ست سنوات، وبدأ في معاداة الشعب المصري بشكل مباشر، لتبرير القتل والاعتقال والإعدام والتصفية الجسدية ضد المصريين.

حيث أكد عبد الفتاح السيسى عداوته لقطاع كبير من المصريين قائلا: “أخشى على المصريين من الداخل وليس من الخارج، زاعما أن حماية الدولة ليست بالكلام ولكن بالعطاء وبذل الجهد والصبر.

وأضاف: “لقد طلبتم منى الحفاظ على مصر وسأقف أمام الله أسألكم كما تسألونني”. وتابع: “موجات الإرهاب والشر تحطمت على أسوار مصر الحصينة، فالبعض يوجه سهامه المسمومة نحو صدورنا، لأن نجاح مصر لا يرضيه، وليعرف الجميع أن المصريين لا تخدعهم الأكاذيب ولن يهزمهم الباطل”.

ولم ينس السيسي الحديث عن حروب الجيل الرابع والخامس، وزعم أنها تمثل قضية شديدة الخطورة على أمن مصر، مشيرا إلى أن الأحداث التي شهدتها مصر منذ عام 2011 كان هدفها تدمير أجهزة الدولة.

واعتبر السيسي “أن الأحداث التى شهدتها الدولة عقب ثورة 2011 كانت عملية شديدة الإحكام بهدف إسقاط الدولة، مشيرا إلى أن حجم الخسارة الذى ترتب على هذه الأحداث منذ 2011 ضخم للغاية وسنظل ندفع ثمنا كبيرا بسببه”.

وقال: إن المصريين لم يكونوا مدركين في ذلك الوقت لقدرة وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث كانت تطرح مطالب على منصات التواصل الاجتماعى ويتم الأخذ بها كأنها واجبة التنفيذ وكان من بين هذه المطالب إقالة المجلس العسكرى وتم تقديمنا من خلال هذه المنصات على أننا قتلة وفاسدون.

واستشهد بأحداث اقتحام أمن الدولة، مشيرا إلى أنه فى ذلك الوقت تم تداول شائعات بأن القوات المسلحة رتبت هذه الأحداث بهدف تكسير عناصر الحفاظ على الدولة ، مشيرا إلى أن ما تم تداوله وقتها هو أن “الجيش خان الشرطة وأدخل المتظاهرين مقرات الأمن الوطنى كى يحصلوا على وثائق الأمن الوطنى ويهدروا كرامة الشرطة”، مؤكدا أن هذا مثال حى على تدمير الدولة، موضحا أنه فى ذلك الوقت كان يتم تداول شائعة جديدة يوميا.

مشكلات مستقبلية

وأضاف السيسي قائلا :«من كام يوم قالوا لى إن هناك مشكلة ستحدث فى مصر عام 2060 وطالبت بالتصدى لهذه المشكلة التى سيكون لها تأثير كبير على اقتصادنا ونجهز نفسنا لها من الآن حتى لا يكون هناك مشكلة».

الأمر الذي فسره متابعون بأن السيسي يجهز لكوارث اقتصادية في الوقت المقبل، خاصة مع إجراءات رفع الددعم والاستمرار في سياسة الاقتراض من الداخل والخارج.

وأشار إلى أن عدد المظاهرات التى شهدتها مصر منذ عام 2011 وحتى عام 2014 بلغت 200 مظاهرة فى أربع سنوات وهو كفيل بتدمير دولة ووقف السياحة وتهديد الاستقرار.

كما تطرق إلى أن حالة عدم الاستقرار التى مرت بها مصر فى هذه الفترة كانت سببا فى استنفاد احتياطى النقد الأجنبى خلال عام ونصف العام والذى تشكل خلال 20 عاما وكان يعادل 38 مليار دولار، مؤكدا أن الأجيال القادمة هى من تدفع ثمن حالة عدم الاستقرار، مشيرا إلى أن الاستقرار استثمار.

من جانبه تساءل الكاتب الصحفي وائل قنديل، “ما الذي دفع عبد الفتاح السيسي في 2019 للنبش في تواريخ 2011، وبالتحديد أحداث شارع محمد محمود التي أظهر معها المجلس العسكري عداءه الصريح لثورة 25 يناير من العام نفسه؟”.

وأكد قنديل خلال مقاله بصحيفة “العربي الجديد” اليوم الاثنين، الشاهد أن يناير الثورة لا يزال يمثل العقدة التاريخية للسيسي ومجموعة الجنرالات الذين حجزوا لأنفسهم مكانًا في مزبلة التاريخ، بإقدامهم على إعلان حرٍبٍ استخدمت فيها أسلحة كيمائية مجرّمة دوليًا ضد المتظاهرين، فلا يجد سوى ترديد حزمة الأكاذيب القديمة/ الجديدة عن تلك الأيام التي صمد فيها الثوار ببسالة، وانتهت بإجبار المجلس العسكري على إعلان موعدٍ للانتخابات الرئاسية، وتسليم السلطة.

وقال إن السيسي، وهو يعلن عسكرة مرفق السكك الحديدية بتعيين اللواء كامل الوزير، تطرق إلى أحداث شارع محمد محمود، تلك الأحداث التي فتحت مزبلة التاريخ لدخول الجنود والضباط والقادة الذين أشرفوا على عملية ذبح الثورة والثوار في ميادين الكرامة، من أصغر جندي وأصغر ضابط سحلا متظاهراتٍ على الأسفلت، وألقيا جثث متظاهرين فوق أكوام القمامة، إلى أكبر مسؤول أصدر الأوامر بشن الحرب على شعب أعزل.

وأضاف قنديل أنه حين وقعت تلك المجزرة، قلت إنه ينبغى على القوى الحاضنة هذه الثورة أن تكون قد بدأت فى توثيق الجريمة، وتجميع أدلة الاتهام ضد مرتكبيها، كي لا نقع مرة أخرى فى خطيئة الغفلة والكسل التى أوجدت ثغراتٍ فى قضية قتل شهداء يناير، من اختفاء التسجيلات وإعدام وثائق الإدانة، وإخفاء معالم الجريمة. وطالبت وقتها علماء مصر المحترمين بأن يدلوا بدلوهم فيما قيل عن استخدام غازاتٍ سامة، نتج عنها وفاة عشرات الثوار فى أحداث ميدان التحرير، وأن يبدأوا فورا فى أخذ عيناتٍ من هواء الميدان وتحليلها، خصوصا أن الكلام كثير عن فوارغ قنابل الغاز، المكتوب عليها أنها منتهية الصلاحية منذ سنوات، وبعضها من النوع غير المسموح باستخدامه دوليا، حيث كان الثوار يحتفظون بأكوامٍ من فوارغ المقذوفات والقنابل.

وأشار قنديل إلى استعادة السيسي ألم الفرقة الثورية في الماضي، لضرب محاولة استعادة الوحدة الثورية حاليا، فقرّر أن يضع ملحًا على الجرح، ويوقظ تلك المعارك العبثية مجدّدًا. وتجميل تلك المعركة التاريخية بنثر ورد الأكاذيب على ما جرى، ولا يكتفي السيسي بمضغ أكاذيب هدم الدولة، ويذهب أبعد من ذلك إلى تحريض الأسر المصرية على أبنائها، الذين لا يزالون يتذكّرون ثورتهم، ويتوقون إلى العودة إلى الميادين، عرفانًا لدماء أقرانهم من الشهداء الذين دفعوا أرواحهم.

وأكد أن السيسي يزيّف التاريخ، ولم لا وهو يرى رموزًا ثورية تمارس اللعبة ذاتها، تبرئةً للأنا على حساب المجموع، ومن لحم الحقيقة الحي؟. هم ينبشون التاريخ، فلم لا أفعل أيضًا، يقول السيسي، ثم يختار تلك النقطة الملغومة التي ما أن تفتح حتى تنفجر بركانًا يعصف بالذاكرة، ويقضي على ما تبقى من فرص، للملمة ما تبعثر، وترميم ما تصدّع.