السيسي لم يكتف بتحويل مصر لسجن كبير، بل يمعن بشكل أكثر جدية على إنشاء سجون مركزية في محافظات مختلفة لحبس صفوة المصريين الذين يشتم منهم رائحة المعارضة لأي من قراراته التي يقبل عليها في الفترة القادمة، بعد أن تمكن بقوة السلاح من السيطرة على مفاصل الدولة، والعبث بمقدراتها.
ورغم أن السيسي في الوقت الحالي يتأهب لتعديل الدستور من أجل مد فترة حكمه إلى موته، حيث تنشغل الساحة المصرية بمقترحات عديدة لتعديل الدستور، وجدت طريقها قبل أيام إلى برلمان العسكر، بعد أن اقتصر وجودها على وسائل الإعلام المحلية، خلال مرحلة اعتبرها مراقبون “جس نبض”، ومع حاجة السيسي كنظام سياسي لتبييض وجهه من أجل موافقة الشعبل على هذه التعديلات التي تسمح بحكمه مدى الحياة، إلا أنه يثبت في كل مناورة أنه ليس إلا نظام عسكري فاشي.
سجن جديد
فقد فاجأ السيسي المصريين صباح اليوم الثلاثاء بقرار منشور في الجريدة الرسمية من وزارة الداخلية، يعلن فيه وزير داخلية الانقلاب محمود توفيق، إنشاء سجن مركزي جديد تحت مسمى “السجن المركزي للمنطقة المركزية في أسيوط”، وتبعية السجن لإدارة قوات أمن محافظة أسيوط، جنوبي البلاد، على أن يشمل اختصاصه دائرة قسم شرطة أول وثان أسيوط.
ليكون هذا السجن هو السجن الثاني والعشرين ضمن قرارات إنشاء السجون الجديدة، التي أصدرتها سلطات الانقلاب منذ 2013 تحت ولاية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ليتحول المصريين في نظر السيسي إلى مجمعة من المعتقلين منذ وقوع الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو2013، غير أن بعضها افتتح رسمياا، وبعضها الآخر لايزال قيد الإنشاء.
ونقلت تقارير صادرة عن منظمات حقوقية مصرية، إنه صدرت خلال الفترة من يوليو 2013، وحتى يوليو 2017، قرارات بإنشاء 21 سجنا جديدا، ليصل عدد السجون في البلاد إلى 66 سجنا، وذيل توقيع وزير الداخلية الانقلابب السابق، مجدي عبد الغفار، آخر تلك القرارات بافتتاح السجن المركزي بمدينة أسيوط الجديدة، قبل نحو تسعة عشر شهرا.
أسيوط المركزي
ويعد سجن أسيوط المركزي من أهم السجون التي أنشئت بعهد السيسي، ومنها أيضا سجن الصالحية العمومي، الذي خصصت له محافظة الشرقية مساحة 10 أفدنة في مدينة الصالحية في 27 نوفمبر 2014، وسجن 15 مايو المركزي، الذي افتتح في 4 يونيو 2015، على مساحة 105 آلاف متر مربع، ويتسع لأربعة آلاف سجين، بمعدل 40 نزيلاً داخل كل عنبر.
وشملت قائمة السجون الجديدة أيضا سجن ليمان شديد الحراسة في محافظة الدقهلية، على مساحة 42 ألف متر، وسجن دمياط المركزي، وسجن مركزي بنها بقسم ثان بنها، وسجن العبور، وسجن طرة (2) شديد الحراسة في مجمع سجون طرة، وليمان المنيا، وسجن عمومي المنيا شديد الحراسة.
كما ضمت القائمة سجن الجيزة المركزي، ويقع على طريق مصر إسكندرية الصحراوي في مدينة 6 أكتوبر، وسجن النهضة في منطقة السلام، شرقي القاهرة، ويتكون من طابقين على مساحة 12 ألف متر مربع، إضافة إلى السجن المركزي في مبنى قسم شرطة الخصوص في مديرية أمن القليوبية، وسجن منطقة الخانكة.
دستور الاستبداد
ولم يستح عبد الفتاح السيسي وهو مقبل على تعديلاته الدستورية من إنشاء سجن مركزي جديد، في الوقت الذي يحظى السيسي بدعم أمريكي وغربي من خلال علاقته بالكيان الصهيوني، أدى إلى غض الطرف عن جرائم السيسي رغم الانتقادات الهزلية التي تصدر من قادة أوروبا حول انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
في الوقت الذي انتقد رئيس فرنسا انتهاكات حقوق الأغنسان في مصر، واستمع لنشطاء حقوقيين حول رفضهم لخطوة تعديل الدستور، إلا أن السيسي في نفس اليوم قام باعتقال المهندس يحيى حسين عبد الهادي عضو حركة كفاية، وأعلن السيسي بعدها بيومين البدء في تعديل الدستور.
وأظهرت تسريبات صحف الانقلاب ثمة عشرة مقترحات بارزة، منها: مد فترة السيسي، والسماح له بالترشح للرئاسة مجددا، يضاف إلى تلك المقترحات نقاط أخرى، منها: منح السيسي صلاحيات جديدة، رفع الحظر عن توليه منصبا حزبيا، استحداث منصب نائب الرئيس، والنص على أن الجيش يحمي “الدستور ومدنية الدولة والديمقراطية”.
صلاحيات جديدة
ومن خلال تسريبات النسخة الجديدة نصت على إضافة مادة انتقالية إلى الدستور تمنح السيسي حق الترشح للرئاسة مجددا، رغم أن دستور 2014 يقر فترتين رئاستين فقط، تبلغ مدة كل منهما أربع سنوات.
وتنص المادة الانتقالية على أنه: “يجوز لرئيس الجمهورية الحالي، عقب انتهاء مدته الحالية، إعادة ترشحه على النحو الوارد بالمادة 140 المعدلة من الدستور”.
مع إضافة تعديل ينص على: “يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين”.
مع حذف عبارة “ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أى منصب حزبى طوال مدة الرئاسة”.
كما منحت التعديلات السيسي صلاحيات في اختيار هيئات قضائية، وتُضاف إلى المادة 200 المتعلقة بمهام الجيش فقرة تنص على مهام جديدة، هي: “صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد”.