اتَّهم أهالي قرية برج مغيزل، التابعة لمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، زعيم عصابة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وأركان حكومته بقتل أولادهم العشرة، بالإهمال في إنقاذهم والتراخي في الاستجابة للاستغاثات المتواصلة على مدار 3 أيام قبل مقتلهم، بعد غرق قارب «الحاج نصر» بالقرب من السواحل الليبية، وسط أحزان لا تتوقف وبكاء لا ينقطع.
وتلقى الأهالي أواخر الأسبوع الماضي، اتصالا هاتفيًا من أحد أقربائهم، الذي يعمل صيادًا في مدينة بني غازي الليبية، أخبرهم فيه بغرق القارب الذي كان يحمل على متنه 15 صيادًا، أُنقذ منهم 5، بينما لم يتم العثور على 10 آخرين، وبعد ساعات أكد الخبر أحمد نصّار، نقيب الصيادين بكفر الشيخ، ولاحقًا عُثر على جثة منهم.
وكان محافظ كفر الشيخ، اللواء السيد نصر، قد أكد أن قارب «الحج نصر» كان فى رحلة صيد شرعية منذ السابع من يناير الجارى، وعلى متنه 15 صياداً، حصلوا على التصاريح اللازمة من مكتب المخابرات ببوغاز رشيد، وأن أسماءهم مسجلة لدى الجهات الرسمية، وكان من المفترض عودتهم يوم 26 يناير، إلا أن محرك القارب تعطل أثناء وجودهم فى عرض البحر، وجرفتهم الأمواج والرياح الشديدة، إلى أن اصطدم القارب ببعض الصخور، مما تسبب فى غرقه، وتمكنت البحرية الليبية من إنقاذ 5 من الصيادين، بينما اعتبر 10 آخرون فى عداد المفقودين.
وشيع الآلاف من أبناء القرية ظهر اليوم الإثنين، جثمان الصياد محمد حسن السمار (17 سنة)، أول ضحايا مركب صيد “الحاج نصر”، بعد أن نجحت قوات الإنقاذ الليبية في انتشال جثته، مساء السبت الماضي، من مياه البحر المتوسط أمام منطقة طبرق الليبية، وتم التعرف على جثته ونقلها عبر منفذ السلوم البري، وصرحت نيابة السلوم بدفن الجثة، حيث وصل الجثمان إلى القرية، صباح أمس، وتمت صلاة الجنازة عليه بالمسجد الكبير بالقرية، وتشييع جثمانه وسط نحيب الرجال وعويل السيدات من أبناء القرية.
السيسي قتل ولادنا
ويكشف والد الضحية محمد السمار، عن أن ابنه اتصل به قبل أيام من غرق المركب، حيث أبلغه بأنه تم إلقاء القبض عليهم من قبل أحد “لنشات” البحرية الليبية، وعليهم أن يسددوا غرامة 480 ألف جنيه للإفراج عنهم.
وأضاف آخر من أهالى القرية، أحد أبنائه من المفقودين: «تواصلنا مع صاحب المركب، وأرسلنا مبلغ الغرامة، وكانوا فى طريقهم للعودة إلى المياه المصرية، ولكن بعد ساعة من الإبحار، تعطل محرك القارب، فاتصل ابنى بى مرة أخرى، يستنجد بنا للاتصال بوزارة الخارجية لإنقاذهم»، وكشف الأب المكلوم عن أنه «تم إرسال عدة استغاثات إلى وزارة الخارجية، على مدار 3 أيام، ثم انقطع الاتصال بهم، لنفاجأ فى اليوم التالى بخبر غرق المركب، وقتها عرفنا أن أولادنا ماتوا، ومفيش حد سأل فينا، ولا حد من المسئولين اتحرك لإنقاذهم»!.
وعن ابنه المفقود، قال «عم بهنسى»: «محمد خلص تعليمه والتحق بالقوات الخاصة فى الجيش، وبعدما أنهى الخدمة راح علشان يموت فى البحر، مماتش من الإرهاب، كان بيجهز نفسه علشان يتجوز، لكن القدر ما أمهلوش».
ضاق الرزق في بلادنا
ويضيف والد “السمار”: “فقدت ابني دراعي اليمين.. كان سندي فخطفه الموت وحرمني من عطفه”. ويضيف في ألم: “ولادنا نموتهم بأيدينا، مجموعة من الشباب يسعون لجلب رزقهم، من خلال الصيد في دول الجوار، في ظل الإهمال الحكومي تجاه الصيادين، وتعمدها تهمشيهم دون أي أسباب، فمن المفترض عمل وزارة مختصة بالصيادين، ومهنة الصيد، فليس من المعقول أن دولة بحجم مصر، لا يوجد بها وزارة خاصة بالصيد، فقدنا أبناءنا بسبب هذا التهميش، وكل عام ننتظر كارثة مثل هذه، ومهما تكرر الأمر، لا يلتفت إلينا أحد”!.
ويضيف علي السيد عرفة، جد “السمّار” والذي يعمل هو الآخر صيادًا، قائلًا إن صيادي قرية برج مغيزل، لا يوجد لهم نقابة، أو جمعية تدافع عنهم، ولا يوجد سوى جمعية تحمل اسم الصيادين فقط، دون تفعيل دورها.
وقال: “الموت أخذ منا “محمد” أعز ما لدينا، وهو العائل الوحيد لوالده المريض، وكل فترة يظهر لنا حادث غرق مركب جديد، فلا أحد يُعير للصيادين اهتمامًا، محتاجين من يدافع عنا، ويقف خلف كل صياد، لا بد من إعادة النظر من الجانب الحكومي بشأن الصيادين، لا يصح وجود إدارة تهتم بقطاع كبير، ويمثلون نسبة كبيرة، على مستوى الجمهورية، داخل وزارة حكومية مثل وزارة الزراعة”.
عمل وسط الأخطار
ويتهم أفراد أسرة الضحايا، رئيس الانقلاب وأركان حكومة عسكر 30 يونيو، بتجاهل معاناتهم وإهدار حقوقهم الإنسانية، ومنها الحق في العمل وسط أجواء آمنة، مؤكدين عدم وجود وسائل إنقاذ للصيادين على القوارب، مثل “لايف جاكت”، أو “طفاية” و”رماس”، أو “تليفون دولي” من أجل الاتصال لحظة الطوارئ، كما لا توجد أي وسيلة مساعدة للصيادين.
ولا يقف تجاهل نظام العسكر على ذلك، بل يصل إلى حد عدم الاكتراث حال الاستثغاثة وقت الكوارث والأزمات، مثل ما جرى في كارثة غرق قارب “الحاج نصر”.