كتب: حازم الأشموني
لا شك أن الجولة الإفريقية التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من 22 حتى 27 من ديسمبر الجاري، في كل من السودان وتشاد وتونس، قد استفزت عسكر 30 يونيو، وأشعلت نيران الغضب والغيرة في نفوس أنصارهم، وانعكس بشدة على مضامين التناول الإعلام لفضائيات وصحف العسكر خلال الأيام الثلاثة الأخيرة.
ومن تحركات الرئيس التركي التي استفزت العسكر، توقيع 21 اتفاقية مشتركة مع السودان بالمليارات، أخطرها اتفاقية التعاون الاستراتيجى المشترك، وإنشاء قاعدة عسكرية تركية فى جزيرة سواكن السودانية، على مرمى حجر من حدود مصر الجنوبية.
وثانيا: اجتماع رؤساء أركان الجيوش التركية والسودانية والقطرية معا لأول مرة فى الخرطوم، والتقاط الصور التذكارية علنا. واستفز أنصار العسكر أن رئيس الأركان القطري لم يرافق الأمير تميم فى زيارته لإثيوبيا، بل ذهب إلى الخرطوم للاجتماع بنظيريه السودانى والتركي، وإعلانهم بعد الاجتماع تعهدهم بحماية أمن البحر الأحمر". هذا الاجتماع وصفته صحيفة "اليوم السابع"، الموالية للعسكر، بأنه مؤامرة على مصر برعاية البشير، ووصفت المجتمعين بأهل الشر، كما كان يفعل الرئيس الأسبق لأمريكا، جورج بوش الابن، بشأن خصومه.
ثالثا: افتتاح تركيا أكبر قاعدة عسكرية فى الصومال، لتتمكن من التحكم فى مدخل البحر الأحمر؛ لذلك لم يأت تعهد الرئيس التركي بالحفاظ على أمن البحر الأحمر من فراغ".
رابعا: الانتشار الكبير للجيش التركي فى 5 دول عربية، في إطار الحرب ضد تنظيم داعش وتأمين الأمن القومي التركي؛ فهناك قوات تركية فى شمال العراق حتى منطقة الزاب، وقوات تركية فى شمال سورية حتى حدود إدلب، وقاعدة عسكرية تركية فى قطر، وأخرى فى الصومال، وأنباء عن إنشاء قاعدة عسكرية تركية فى سواكن بالسودان.
خامسا: توقيع تركيا معاهدة دفاع مشترك مع إثيوبيا فى إبريل 2015، وتم التصديق عليها من كلا البرلمانين.
سادسا: جولة أردوغان في تشاد وتونس بصحبته 200 من رجال الأعمال تعتبر، بحسب موالين للعسكر، زيارة لها معان ودلالات كثيرة، تؤكد أن الأتراك يوقعون عقودًا بالمليارات لبسط نفوذ أنقرة في العمق الإفريقي وحوض البحر الأحمر.
لماذا انحاز السودان لتركيا؟
وحول أسباب انحياز السودان لتركيا وغلق الباب أمام القاهرة، ينتقد الكاتب والمحلل السياسي محمود سلطان، إدارة نظام العسكر للعلاقات مع الخرطوم، مؤكدا في مقاله اليوم الخميس بصحيفة المصريون بعنوان «لماذا أُغلق الباب في وجه القاهرة وفُتح لـ"أردوغان"؟!»، أن الإدارة المصرية تتوقع أن يتصرف الآخرون (الدول الأخرى)، بما يحقق مصالح مصر، فيما تكون الأخيرة في غفلة عن تحقيق مصالحها. مشيرا إلى أن الدول ليست جمعيات خيرية، وكل رئيس دولة يتصرف بما يحقق مصالح شعبه وبلده، بغض النظر عما سيلحقه ذلك من ضرر على الآخرين المتكاسلين أو غير المؤهلين ليكونوا رجال دولة».

ويضيف سلطان: «تعاملت القاهرة، مع الزيارة ومع ما ترتب عليها من اتفاقيات، بذات المنطق "العاطفي الطفولي"، والذي ظهر في صورة نزق وطيش وحمق إعلامي غير مسئول. لا تريد القاهرة أن تفهم أنه ليس عيبًا على أي دولة أن تنجح في مد نفوذها في مناطق صراع إقليمي.. العيب على الدولة التي رضيت أن تبقى في مدرجات المشاهدين تستفز اللاعب "الهداف" وتشتمه.. كلما سجل هدفًا في مرماها الإقليمي».
وراح الكاتب يتساءل: «لماذا أغلقت الخرطوم أبوابها في وجه القاهرة؟.. ورحبت "بالفاتح" التركي، وتفتح له نوافذ أخرى على إفريقيا.. الثمرة الاقتصادية الأكبر التي عليها علقت كل عيون رجال الأعمال الأتراك، وبكل استحقاقاته السياسية والعسكرية والأمنية».
وبحسب الكاتب، فإن «هذا هو السؤال الذي ينبغي أن تجيب عنه السلطات المصرية. وعليها أن تتخلى عن سياسة الشوشرة على الفشل.. وتعليقه على "المؤامرات" و"الخيانات".. ومثل هذا "الهجص" الذي لم يعد يُباع في عالم بات أكثر ذكاءً من ذي قبل»!.