كتب أحمد علي:
رغم مرور سنوات على ارتقاء وليد محمد ممدوح، إثر الإصابة برصاصة فى الظهر بميدان مصطفى محمود فى 14 أغسطس 2013، إبان أبشع مذبحتين عرفهما تاريخ مصر الحديث برابعة العدوية والنهضة؛ حيث قتل الآلاف برصاصات الغدر التى أطلقتها مليشيات الجيش والداخلية الموالية للانقلاب العسكرى باتجاه رافضى الظلم، المطالبين بالحرية وبالحق الدميقراطي، لا تزال أسرته تطالب بالقصاص لدمائه الذكية من قاتليه، وتؤكد عدم التفريط فى حقه حتى عودة جميع الحقوق المغتصبة، وإعدام قادة العصكر وعصابته، ومحاكمة كل من تورط فى هذه الجريمة التى لا تسقط بالتقادم.
شهود العيان على الجريمة التى ارتقى خلالها وليد ليلحق بقوافل الشهداء على درب حرية وكرامة الوطن، أكدوا أنه فور مشاهدة وليد وشقيقه أيمن لما يحدث من جرائم عبر وسائل الإعلام برابعة والنهضة يوم المذبحة حتى هرعوا إلى نجدتهم، ولم يستطيعا أن يصلا إلا لميدان مصطفى محمود؛ حيث كانت رصاصات الغدر تطلق على المواطنين العزل من قبل قوات الجيش والشرطة، وبينما كان وليد وشقيقه أيمن يقومان بمساعدة المصابين أصيب وليد برصاصه فى الظهر.
لم يكن يعلم أيمن شقيق وليد أن الإمعان فى الجريمة وصل لحد التنبيه على المستشفيات القريبة من الأحداث بعدم تقديم الإسعافات الأولية والعلاج للمصابين لتقل أنفاس المناهضين للظلم، وتزداد أعداد ضحايا الجريمة؛ حيث أكد شقيق الشهيد شاهد العيان على الجريمة أنهم توجهوا إلى مستشفى السلام الدولى بشارع سوريا بالمهندسين، والذى امتنع عن تقديم العلاج أو الإسعافات لشقيقه رغم مرور الساعات من وقت إصابته فى الحادية عشرة صباحا وحتى الواحدة ظهرا لينصحه أحد الأطباء بالتوجه لمستشفى آخر.
لم يكن أمام أيمن شقيق الشهيد إلا أن ينفذ نصيحة الطبيب، الذى خالف القسم الذى أقسم عليه يوم أن تخرج من كلية الطب، ليكون مشاركا فى الجريمة، فتوجه إلى مستشفى آخر وهو مستشفى مصر الدولى بالدقى، والذى ماطل فى الإجراءات حتى فاضت روح وليد إلى بارئها وهى تشكو إلى الله ظلم الظالمين.
ارتقى حافظ القرآن الكريم، الذى تخرج من كلية أصول الدين ولم يعرف عنه أى انتماء سياسى.. فقط عرف عنه نصرته للحق الذى يدور معه حيث دار، ويكون معه حيث كان، ولمَ لا.. وهو صاحب الخلق الحسن، الذى يشهد له كل من تعامل معه بحسن الخلق وطيب الكلام والبسمة الجميلة التى تجذب القلوب، فضلا عن ذوقه الرفيع وحلمه الذى يواجه به كل من يجهل عليه، ليضاف إلى أمانته ومهارته فى مهنته التى تعلمها بجوار شهادته الجامعية؛ حيث كان يعمل فنى توصيل الكهرباء للمنازل.
دماء وليد الذكية -وإن حاول قاتلوه طمس الحقيقة خلال التقرير الطبى الذى ذكر أن الطلقة فى البطن، مخفيا الحقيقة التى أكدها الشهود أنها كانت فى الظهر- ستظل لعنة على كل من شارك فى الجريمة التى يتمت رقية ابنة الشهيد، التى لم تتجاوز الشهرين وقتها، ولا تكاد تتذكر الآن ملامح وجهه أبيها المشرق بنور القرآن.